في الثرى ببقعتك، المختار الله لها سرعة اللحاق بك، قل - يا رسول الله عن صفيتك صبري وضعف عن سيدة النساء تجلدي، إلا أن في التأسي لي بسنتك، والحزن الذي حل بي لفراقك، موضع التعزي، ولقد وسدتك في ملحودة قبرك، بعد أن فاضت نفسك على صدري، وغمضتك بيدي وتوليت أمرك بنفسي. نعم، وفي كتاب الله أنعم القبول، إنا لله وإنا إليه راجعون، قد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء، يا رسول الله. أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي دارك التي أنت مقيم، كمد مقيح، وهم مهيج، سرعان ما فرق الله (بيننا)، وإلى الله أشكو، وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك علي، وعلى هضمها حقها، فاستخبرها الحال، فكم من عليل معتلج بصدرها، لم تجد إلى بثه سبيلا، وستقول، ويحكم الله وهو خير الحاكمين. سلام عليك يا رسول الله، سلام مودع لا سئم ولا قال، فإن أنصرف فلا عن ملالة وإن أقم فلا عن سوء ظني بما وعد الله الصابرين، الصبر أيمن وأجمل. ولولا غلبة المستولين علينا، لجعلت المقام عند قبرك لزاما، وللبثت عنده معكوفا، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن ابنتك سرا، ويهتضم حقها قهرا، ويمنع إرثها جهرا، ولم يطل العهد، ولم يخلق منك الذكر، فإلى الله - يا رسول الله - المشتكى وفيك أجمل العزاء، فصلوات الله عليها ورحمة الله وبركاته (1).
وروي أن عليا (عليها السلام) سوى قبرها مع الأرض مستويا، وقيل: سوى حواليها قبورا مزورة سبعة حتى لا يعرف أحد قبرها، وروي أنه رش أربعين قبرا حتى لا يبين قبرها من غيره من القبور خوفا من الأعداء (2). فلما أصبح الناس أقبل عمر وأبو بكر والناس يريدون الصلاة على فاطمة (عليها السلام). فقال المقداد: قد دفنا فاطمة (عليها السلام) البارحة.
فالتفت عمر إلى أبي بكر فقال: ألم أقل لك، أنهم سيفعلون؟
قال العباس: إنها أوصت أن لا تصليا عليها.
فقال عمر: لا تتركون - بني هاشم - حسدكم القديم لنا أبدا، إن هذه الضغائن التي في