الوقوف عليها في كل جوانبها التي تدعو إلى التعقل بها وهضمها بالصورة الصحيحة، فلقد جاء في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: " لا يقبل الله عملا إلا بمعرفة ولا معرفة إلا بعمل، فمن عرف دلته المعرفة على العمل ومن لم يعمل فلا معرفة له... " (1).
حيث دل هذا الحديث على أن العمل والمعرفة أحدهما ملازم للآخر وأن من الضروري على أن الذي يعمل لا بد له من المعرفة بحقيقة عمله وإلا فإن الله تعالى لا يقبل عملا إلا بمعرفة، وعلى هذا الأساس تأخذ قضية المعرفة حيزا كبيرا في جميع جوانب الشريعة الإسلامية سواء كان على مستوى الأصول أو على مستوى الفروع، فعلى المستوى الأول الذي يتمثل في التوحيد والنبوة والإمامة والعدل والمعاد لا بد من المعرفة التي من شأنها أن تجعل الحقيقة التي سعى المؤمنون الأوائل في الوقوف عليها ثابتة والراسخة في قلوبهم لكي لا تميل بهم الأهواء شرقا ولا غربا، والمعرفة التي نسعى الوقوف عليها في الجانب العقائدي المتمثل في قضيتنا التي نطرحها الآن هي المعرفة الخاصة بالصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) لكي ندرك بعض الحقيقة الخاصة بها وإلا فالمعرفة الحقيقية لها لا يستطيع الوصول إلى طبيعتها ومعرفة كنهها إلا من كان في مستواها وهذا لا يكون إلا في الذي كان كفوا لها وهي كفو له ذلك هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أما نحن فمعرفتنا لها تكون أما بالحواس الخمس أو تكون معرفتنا من خلال معرفة الشئ بأشباهه، أما الحواس الخمسة فإن لا بد لها من من دليل يرشدها ويعرفها بالوجدان الأمر الذي يعرض عليها، وهذا ما جاء في مناظرة الإمام الصادق (عليه السلام) للطبيب الهندي حيث قال له: " أما إذ أبيت إلا الجهالة وزعمت أن الأشياء لا تدرك إلا بالحواس فإني أخبرك أنه ليس للحواس دلالة على الأشياء ولا فيها معرفة إلا بالقلب، فإنه دليلها ومعرفها الأشياء التي تدعى أن القلب لا يعرف إلا بها " (2).
حيث يظهر من هذا الحديث أن المعرفة الذوقية الوجدانية تكون نابعة من القلب،