بالدراية، ورواية الحديث دون درايته لا تجدي نفعا للراوي - " وكما قال أمير المؤمنين " " قيمة كل امرء وقدره معرفته " (1) - بل ربما كانت في بعض الأحيان مضرة له ولغيره أيضا إذ لو لم يكن الراوي على علم بالحديث فقد يتسبب حتى في تحريفه ولهذا قال أمير المؤمنين: " عليكم بالدرايات لا بالروايات " (2).
وجاء في كلام آخر له (عليه السلام): " همة السفهاء الرواية، وهمة العلماء الدراية " (3).
من هذا المنطلق وعلى هذا الأساس كانت لنا هذه الوقفة الجديدة مع حديث آخر يوضح لنا معرفة الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وارتباطها الوثيق بليلة القدر، وسيأتي إن شاء الله ارتباطها الوثيق بليلة في البحث الثالث عشر.
معرفة فاطمة (عليها السلام) إن من القضايا المهمة في عقيدة الفرد المؤمن هي معرفة الحقيقة التي دعا إليها القرآن الكريم إضافة إلى دعوة أهل البيت (عليهم السلام) إلى الوقوف عليها ولو على قدر القابليات والاستعدادات التي يمتلكها الفرد المؤمن * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) *، فلذا جاء في الحديث المأثور عن الإمام الصادق (عليه السلام) الذي يقول فيه " من كانت له حقيقة ثابتة لم يقم على شبهة هامدة حتى يعلم منتهى الغاية، ويطلب الحادث من الناطق عن الوارث وبأي شئ جهلتم ما أنكرتم، وبأي شئ عرفتم ما أبصرتم إن كنتم مؤمنين "، أي لا بد من أن يكون للمؤمن حقيقة في معرفة، والتي من شأنها (هذه الحقيقة) أن لا تخرج الإنسان عن الاستقامة عن الجادة التي أمرنا الله تعالى باتباعها والالتزام بها، ومعرفة هذه الحقيقة يحتاج فيها الإنسان المؤمن إلى وجود عدة أمور لا يستغني عنها في سبيل تحصيل هذه الحقيقة، ومن هذه الأمور هو التعقل عن الله تعالى والذي من شأن هذا التعقل أن يؤدي إلى المعرفة الصحيحة التي لا تزيل قدم الإنسان المؤمن عن