كنت شابا مقيما على اللهو واللعب والطرب وكان لي والد يعظني كثيرا ويقول:
يا بني احذر هفوات الشباب وعثراته فإن لله سطوات ونقمات وما هي من الظالمين ببعيد، فكان كلما ألح علي بالموعظة ألححت عليه بالضرب، فألح علي يوما فأوجعته ضربا، فحلف ليأتين البيت الحرام فيتعلق بأستار الكعبة ويدعو علي، فخرج على مكة وتعلق بأستار الكعبة ودعا علي وقال:
يا من إليه أتى الحجاج قد قطعوا * أرض التهامة من قرب ومن بعد إني أتيتك يا من لا يخيب من * يدعوه مبتهلا بالواحد الصمد هذا منازل لا يرتد عن عققي * فخذ بحقي يا رحمن من ولدي وشل منه بحول منك جانبه * يا من تقدس لم يولد ولم يلد قال: والله ما استتم كلامه حتى نزل بي ما ترى، ثم كف عن شقه الأيمن فإذا هو يابس. قال: فلم أزل أترضاه وأخضع له وأسأله العفو عني إلى أن رق لي ووعدني أن يأتي المكان الذي دعا علي فيه فيدعو لي هناك. قال: فحملته على ناقة عشراء (1)، وخرجت أقفو أثره حتى إذا صرنا في وادي الأراك طار طائر من شجرة فنفرت الناقة فرمت به بين أحجار فرضخت رأسه فمات، فدفنته هناك وأقبلت آيسا، وأعظم ما ألقاه أني لا أعرف بالمأخوذ بعقوق والده.
قال الحسن: فقال له أبي أبشر فقد أتاك الغوث. ثم صلى ركعتين وأمره فكشف عن شقه فدعا له مرات يردد الأدعية ويمسح بيده على شقه، فعاد صحيحا كما كان فكان عقل الرجل أن يذهب، فقال له أبي: لولا أنه وعد أبيك بالدعاء لك لما دعوت لك. ثم قال: يا بني احذروا دعاء الوالدين فإن في دعائهما