عاقبة النعمة التي وهبني الله إياها؟ هل أثاب عليها أو أعاقب، وماذا سيكون موقفي أمام الله إذا سألني عنها؟ لقد كان الاحساس الديني يلازمه في جميع أحواله حتى عند المعصية، فسرعان ما يندم ويبالغ في الإنابة والتوبة.
وقد أعطانا الاحتلال الأجنبي مجتمعا جديدا، أعطانا مجتمعا لا يهتم بالعقائد والأخلاق، ولا يعرف من المبادئ قليلا ولا كثيرا، وعرف الأجنبي كيف يخلق مجتمعا أعزل من الضمير والمثل العليا، فوجه اهتمامه قبل كل شئ إلى الشريعة الإسلامية، فأزاحها من المحاكم ودور القضاء، وأحل محلها القانون الوصفي الذي يتلاءم مع أغراضه الاستعمارية، كما ألغى من المدارس كل ما يمت إلى الدين وإحياء الضمير بسبب، ووضع منهاج التربية على أساس قتل الروح الوطنية، وإضعاف اللغة العربية، وطلى عقول الناشئة بألفاظ جوفاء تتطاول بها إلى الكراسي والمناصب، ولو أن الأجنبي حين ألغى الدين من مناهج التربية أحل محله العلم الذي نجابه به مشاكلنا الاقتصادية لهان الخطر، ولكنه حاول أن يجردنا من الروح والمادة معا ليبرر استغلاله وجشعه.
أجل هكذا أراد المستعمر أن نكون، أن نعيش في ظلام دامس، وجو مفعم بالغموض بالنسبة للعقائد وآداب السلوك، وقد تم له ما أراد، أو بعض ما أراد، وإن أردت برهانا على ذلك فقارن بين احترامنا لشهر الصيام اليوم، واحترامنا له بالأمس، وبين أغنياء المسلمين اليوم، وأغنيائهم بالأمس، فمن بنى هذى المدارس والمساجد؟ ومن أوقف الأسواق والمخازن في سبيل الخير؟ وقل لي بربك هل تستطيع أن تجمع قليلا من المال دون أن تقيم حفلا برئاسة حاكم أو وزير تنشد بين يديه القصائد الطوال، والخطب الرنانة في المديح والثناء، وتسلك ألف سبيل وسبيل، تفعل ذلك مرغما لأن الغني لا يتبرع لأي عمل خيري إلا ملقا لحاكم أو زعيم، أو رغبة في رتبة، أو شهرة. هذى هي أخلاقنا أخلاق تجارية لا دينية، وهذي إحدى الأسباب للضعف والانحلال، وأي شئ أدل على الضعف من المظاهر يوم العيد الذي سيطل علينا غدا، لمن هو العيد! ومن هم الذين سيعيدون ويفرحون؟ هم الأغنياء ونساؤهم وأطفالهم، أما الأرامل والأيتام، والعاطلون عن العمل فلهم الحسرات والتنهدات! للأغنياء اللحم والحلوى والفاكهة وللفقراء الجوع والعطش والدموع. للأغنياء الأجواخ