في عهد خلفائه الراشدين، فالمولد لم يصبح عيدا مقررا عند المسلمين إلا في القرن الثامن الهجري، وعيد الهجرة تقرر بالأمس في هذا القرن. والحقيقة أن هذين العيدين عما من الأعياد الشعبية عند المسلمين لا من الأعياد الدينية، ولذا لا تجوز فيهما صلاة العيد. أما عيد الأضحى والفطر فإنهما من الدين في الصميم، فقد ثبت أن النبي كان يحتفل بهما، ويحتفل معه المسلمون، ويصلون فيهما خلفه صلاة العيد.
وعيد الأضحى يهدف إلى توثيق آصرة القربى بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم وديارهم ولغاتهم، ويذكرهم بأنهم أسرة واحدة ينتظم فيها مئات الملايين. وعيد الفطر تحية القيام بالواجب، حيث يجدر بالصائم الذي جاهد شهواته شهرا كاملا، وانتصرت قوى إيمانه وعقيدته على أهوائه وميوله أن يعيد عيد النصر والفوز، عيد انتصار النظام على الفوضى، والعقل على العاطفة، عيدا يبتهج فيه لتغلب الحق على الباطل، والمبدأ المقدس على المنافع الخاصة.
لقد كان الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى في عصر الإسلام الأول بسيطا.
متواضعا، كان النبي يوسع على عياله يوم العيد، ويأمر أصحابه بالتوسعة على عيالهم، وكان يغتسل ويتطيب ويلبس أجمل ثيابه، ويقول: إن الله جميل يحب الجمال، وقال الإمام جعفر الصادق في تفسير هذه الآية من سورة الأعراف " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد، وكلوا واشربوا، ولا تسرفوا، إن الله لا يحب المسرفين، قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " قال: إن معنى الآية تزينوا والبسوا أفخر ثيابكم في الجمعات والأعياد، وكلوا من طيبات ما أحل الله، ولا تأكلوا حراما ولا باطلا.
لقد استحب القرآن الزينة والأكل والشرب من الحلال الطيب، ونهى عن التبذير والإسراف، لأن المبذرين كانوا إخوان الشياطين، وقرش واحد يؤخذ من غير حل، أو ينفق في معصية الله، في الفسق والفجور فهو إسراف وتبذير ومجاوزة للحدود. وإذا ضممنا الآية التي أمرت بالزينة إلى هذه الآية من سورة النور الموجهة إلى النساء " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو أبناء إخوانهن أو أبناء أخواتهن أو نسائهن " إذا ضممنا الآيتين معا تكون النتيجة أن القرآن أباح للرجال أن يتزينوا إذا خرجوا إلى المساجد والمحافل