القرآن الكريم، وثبت في السنة النبوية.
سأتحدث عن الجشع لا عن الصيام، وكلاهما من وحي رمضان المبارك.
لأن الشئ يعرف بأضداده كما يعرف بنظائره.
جاء في الحديث الشريف عن الرسول الأعظم ص وآله " الجشع أشد من حرارة النار ". وهذا حق، لأن النار لا تنفذ إلى أعماق الأرض، بل تقف عند حد لا تتعداه، إن لم تجد ما تأكله، أما الجشع فلا يحده شئ ولا يشبهه شئ يلتهم ما فوق الأرض وما تحتها ولا يبقي لأحد باقية، وربما كانت الحكمة من وجوب الصوم، والعلم عند الله، استنكارا للجشع والطمع، وإثارة النقمة على أهله الذين يحتكرون الأقوات، ويتحكمون الأسعار، واحتجاجا على أصحاب القصور التي تقوم حولها بطون خاوية، وأجسام عارية، وعلى الجامعات والمستشفيات التي أسست للاستغلال والمراباة.
قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام " إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك فإن أيسر ما فيها يكفيك، وإن كنت تريد ما لا يكفيك، فإن كل ما فيها لا يكفيك " أي إن كل إنسان لو عمل لكفايته وسد حاجته، لما هو ضروري وحيوي لوجوده وحياته، فإن في هذه الأرض الواسعة الخيرة من الأرزاق ما يكفي جميع سكانها بالغا ما بلغوا. أما لو عمل للربح والسيطرة والظهور فإن كل ما في الدنيا لا يكفي واحدا، لأن اللا كفاية كاللانهاية لا تحد بحد.
لو أخذ العالم بهذه النظرية لما عرف الناس المشاكل، ولاستراح كل بلد من القلاقل والاضطرابات الداخلية والخارجية، ولسرحت الجنود من ثكناتها، وتحولت مصانع الأسلحة إلى صنع الطعام واللباس، ولم يبق أي داع لوسائل القسوة والعنف، لو عمل كل إنسان للكفاية لما وجد فقير، ولما احتاج أحد إلى الصداقات والمبرات.
إن سلوك هذا السراط هو الذي يأخذ بيدنا إلى حيث نريد وكل جهد يبذل لتجنب الأخطاء والويلات لا بد يتحول إلى النقيض إذا انحرفنا عن هذا النهج القويم، قل في تحديد الفضائل والقيم ما شئت أن تقول وتفلسف ما استطعت فإنك لا تجد ولن تجد لقيمك مكانا في نفس عاقل إذا لم تحمه من جشع المستغلين، وطمع المستثمرين، إن هدف الإنسان في هذه الحياة أن يحياها