العمل بالحديث وقد أوجبوا العمل بالحديث الصحيح والحسن والموثق لقوة السند، والإعراض عن الضعيف لضعف السند، ولكنهم قالوا: إن الضعيف يصبح قويا إذا اشتهر العمل به بين الفقهاء القدامي، لأن أخذهم بالضعيف مع علمنا بورعهم وحرصهم على الدين وقربهم من الصدر الأول يكشف عن وجود قرينة في الواقع أطلع أولئك الفقهاء عليها، وخفيت علينا نحن، ومن شأن هذه القرينة أن تجبر هذا الحديث، وتدل على صدقه في نفسه مع قطع النظر عن الراوي، كما أن القوي يصبح ضعيفا إذا أهمله الفقهاء القدامي، فإن عدم عملهم به مع أنه منهم على مرأى ومسمع يكشف عن وجود قرينة تستدعي الإعراض عن هذا الحديث بالخصوص، وإن كان الراوي له صادقا.
ومن علامات وضع الحديث عند الشيعة أن يكون مخالفا لنص القرآن الكريم، أو لما ثبت في السنة النبوية، أو للعقل، أو ركيكا غير فصيح، أو يكون إخبارا عن أمر هام تتوافر الدواعي لنقله، ومع ذلك لم ينقله إلا واحد، أو يكون الراوي مناصرا للحاكم الجائر تعارض الحديثين.
إذا ورد حديثان، وأثبت أحدهما ما نفاه الآخر، فإن كان أحد الحديثين معتبر السند دون الثاني، أخذنا بالمعتبر وطرحنا غيره، ولا يتحقق التعارض في هذه الحال، وإنما يقع التعارض إذا كانا معا معتبرين بحيث يعمل بكل منهما، لو كان بدون معارض.
متى تم العارض يؤخذ بأشهر الحديثين، والمراد بالأشهر أن يكون معروفا عند الرواة، ومدونا في كتب الحديث أكثر من الطرف الثاني، وإن تساويا بالشهرة، أخذ بالأعدل والأوثق، وقال المرزا النائيني في تقريرات الخراساني " باب التعارض ": ليس المراد بالأعدل والأوثق من كان أكثر زهدا في الدنيا، بل من كان أعدل في صدق القول وأوثق في النقل، وإذا تساويا في الصدق عرض الحديثان على كتاب الله، وأخذ بالحديث الموافق دون المخالف، وإذا كانا معا