كان سبب ارتفاع علي بن بويه سماحته وشجاعته، وسعة صدره، وحسن سياسته، فمن ذلك أنه استمال الحسين بن محمد الملقب بالعميد. ولاطف قواد مرداويج، وأفضل عليهم، حتى أوجبوا طاعته، وكان ذا فضل يتسامع به الناس، فيميلون إليه، فلا عجب إذن أن يسهل عليه الانتصار، على جيش الخليفة، حتى استولى على جنوب إيران، وكان بنو بويه إلى جانب هذا يحسنون معاملة الأسرى، ويعفون عنهم، ويؤمنونهم من جميع ما يكرهون، حتى يطمئنوا إليهم، على حين كان أعداؤهم يعدون للأسرى قيودا وبرانس ليشهروهم بها، ولقد ظفر علي بن بويه بأعداء له، معهم هذه الآلات، فعدل عن العقاب إلى العفو، وابتعد عن الطغيان. وهو الذي يرجع إليه الفضل فيما بلغه بيت بني بويه من قوة وعزة.
وقال ابن الأثير في حوادث 322: حين استولى علي على شيراز نادى في الناس الأمان، وبث العدل. وقد ساعده الحظ في أمور، منها أن الجند طلبوا أرزاقهم منه، ولم يكن عنده ما يعطيهم، فكاد ينحل أمره، فقعد في غرفة دار الإمارة بشيراز، يفكر في أمره، وأصابه غم شديد، فبينما هو مستلق على ظهره، وقد خلا للفكر والتدبير إذ رأى حية، قد خرجت من موضع في سقف الغرفة، ودخلت في ثقب، فخاف أن تسقط عليه، فدعا الفراشين، ففتحوا الموضع، فرأوا وراءه بابا، فدخلوه إلى غرفة أخرى، فوجدوا فيها عشرة صناديق مملوءة مالا ومصاغا، فأنفقه في رجاله، وثبت ملكه بعد أن أشرف أمره على الانحلال.
وأراد ذات يوم أن يفصل ثيابا، فدلوه على خياط لياقوت حاكم شيراز الأسبق، فحضر الخياط خائفا، وكان أصم، فقال له عماد الدولة: لا تخف إنما أحضرناك، لتفصل لنا ثيابا، فلم يفهم ما قال، وحلف الخياط بالطلاق، والبراءة من دين الإسلام أن الصناديق التي أودعها عنده ياقوت ما فتحها، وما أخذ شيئا منها، فتعجب عماد الدولة من ذلك، وأمره بإحضار الصناديق، فأحضرها، وكانت ثمانية صناديق، فيها مال وثياب.
وفي هامش ابن الأثير ج 6 ص 333 طبعة 1353 ه " توفي بشيراز عن سبع وخمسين سنة، ولم يكن له ولد ذكر، وكانت مدة ملكه ست عشرة سنة، وكان من خيار الملوك في زمانه، وممن حاز قصب السبق دون أقرانه ".