بقيت عريانا.
قال المنجم: فعشرة دنانير.
قال أبو شجاع: والله لا أملك دينارا واحدا.
قال المنجم: إعلم أنه يكون لك ثلاثة أولاد يملكون الأرض ومن عليها، ويعلو ذكرهم في الآفاق، كما علت تلك النار، ويولد لهم ملوك بقدر ما رأيت من تلك الشعب.
فقال أبو شجاع: أما تستحي تسخر منا؟ أنا رجل فقير، وأولادي هؤلاء فقراء مساكين، فكيف يصيرون ملوكا؟
قال المنجم: أخبرني بوقت ميلادهم، فلما أخبره جعل يحسب، ثم قبض على يد أبي الحسن علي فقبلها، وقال: هذا والله الذي يملك البلاد، ثم هذا من بعده، وقبض على يد أخيه أبي علي الحسن. فاغتاظ منه أبو شجاع، وقال لأولاده اصفعوه، فقد أفرط في السخرية بنا، فصفعوه، وهو يستغيث.
ثم قال لهم المنجم: اذكروا لي هذا إذا قصدتكم، وأنتم ملوك، فضحكوا منه، واستخفوا به. ولم تمض الأيام، حتى تحققت نبوءة المنجم بكاملها، وذلك أن أبا شجاع اضطر لفقره أن يدخل أولاده الثلاثة في الخدمة العسكرية جنودا مرتزقة، ولكن سرعان ما ارتقوا بدهائهم ومهارتهم إلى مرتبة القواد وأمراء الجيش، وأخذوا يستميلون الناس بحسن المعاملة، ويكسبون محبة الضباط بالمال، فقويت شوكتهم، وانتشر صيتهم، ولما اطمأنوا إلى قوتهم خرجوا عن طاعة الحاكم الذي يعملون بأمره، وكان اسمه " مرداويج " واستقلوا عنه.
علي بن بويه عماد الدولة وأول من ملك من البويهيين علي بن بويه، أكبر أولاد أبي شجاع، وكان يلقب بعماد الدولة، وكان ابتداء سلطانه في شيراز عام 321 ه، ثم امتد إلى إيران والعراق، وغيرها من بلاد بني العباس.
قال آدم متز في الجزء الأول من " الحضارة الإسلامية " ص 35 وما بعدها طبعة ثالثة: