من التاريخ وتأثيرها في نشر التشيع.
عبيد الله المهدي:
كان في عهد العباسيين رجل يدعى أبو عبد الله الشيعي، وكان قد ولي الحسبة في بعض أعمال بغداد، وكان في أول الأمر يعتنق عقائد الاثني عشرية، واتصل بمحمد المعروف بالحبيب والد عبيد الله المهدي، فأقنعه بالعدول عن مذهب الاثني عشرية، واعتناق الإسماعيلية، فاعتنقها، وأخلص لها، وأصبح من أعظم دعاتها.
وذهب أبو عبد الله الشيعي إلى بلاد المغرب يبشر بالإسماعيلية، ويمهد لخلافة المهدي، فاتبعه بعض أهلها، وترأس عليهم رئاسة دينية، وقرر لهم مذهب الإسماعيلية، فاتبعوه وتمسكوا به، ولما اطمأن إلى طاعتهم ألف منهم جيشا، وثار به على الحاكم، وهو إبراهيم بن الأغلب، وانتزع منه الحكم، وسلمه إلى المهدي لقمة سائغة، وذلك سنة 296 ه، وتلقب المهدي بأمير المؤمنين، ولم يلبث أن دون الدواوين، وجبى الأموال، واستقر قدمه بالبلاد.
واصطدم المهدي بدولة الأدارسة، وساهم إلى حد كبير في إزالتها، كما اصطدم مع الأمويين في الأندلس، وأزال دولة الأغالبة كلية، وخضع له المغرب الأقصى، وتونس، ودخلت القبائل بكاملها في طاعته، وبعد أن استقر له الملك، فتك بأبي عبد الله الشيعي، لثقة الناس به، ومكانته بين أهالي المغرب مما أثار حنق المهدي عليه.
ورأى المهدي أن يبني حاضرة في مكان متوسط يتخذها حصنا يعتصم به عند الحاجة، ويوجه منه هجماته إلى الخارجين عليه، فبنى مدينة أسماها المهدية تقع على بعد ستين ميلا جنوبي القيروان، يحيط بها البحر من ثلاث جهات، وبعد أن انتهى من بنائها أنشأ مدينة أخرى بجوارها أسماها زويلة، نسبة إلى إحدى قبائل بلاد المغرب، ومات سنة 322، وقام بالأمر بعده ابنه أبو القاسم محمد الملقب بالقائم بأمر الله.
القائم بأمر الله: وما آلت الخلافة إلى القائم بأمر الله، حتى اندلعت نار الثورة في أجزاء