قتله إدراكا لثأر أبي الحسين؟ إن الله سبحانه قد حرم أن تطالب نفس بغير ما كسبت. ثم أن محمدا حدث جلساءه بهذا الحديث:
قال: حدثني أبي عن أبيه أن المنصور كان بمكة في سنة من السنين، فعرضت عليه جواهر كانت عند هشام بن عبد الملك، فقال: بلغني أن عند محمد بن هشام جواهر غير هذه، وكان محمد بن هشام حاجا في تلك السنة، فانتظر المنصور، حتى اجتمع الناس في الكعبة، فأمر وزيره الربيع أن يغلق جميع الأبواب، ويوكل بها من يطمئن إليه، ويبقي بابا واحدا، يقف عليه الربيع، ولا يدع أحدا يخرج إلا من يعرفه حق المعرفة، إما شخصيا، أو بشهود.
وفعل الربيع ذلك، وكان ابن هشام في الكعبة، فعرف أنه هو المطلوب، فذعر وخاف، واضطرب أيما اضطراب، فرآه محمد بن زيد بن علي بن الحسين على تلك الحالة، وهو لا يعرفه، فسأله عن شأنه، فقال الأموي: ألي الأمان إن أخبرتك؟
قال السيد العلوي: نعم، وأنت في ذمتي، حتى أخلصك.
فقال الأموي: أنا محمد بن هشام بن عبد الملك، فمن أنت؟
قال العلوي: أنا محمد بن زيد بن علي بن الحسين.
فازداد خوف الأموي، وقال: عند الله أحتسب نفسي.
قال السيد العلوي: لا بأس عليك، وسأعمل لخلاصك، على أن تعذرني في مكروه أتناولك به.
قال الأموي: أنت وذاك.
فنزع السيد العلوي رداءه، وطرحه على رأس الأموي ووجهه، وأخذ يجره من خلفه، حتى إذا وصل إلى الباب، جعل العلوي يضرب رأس الأموي، ويقول للربيع: يا أبا الفضل إن هذا الخبيث جمال من أهل الكوفة، أكراني جماله ذهابا وإيابا، ولكنه هرب مني، وأكرى جماله لغيري، فأعطني رجلين يحرسانه، حتى يؤدي إلي حقي. فأعطاه الربيع شرطيين، فمضيا معه، فلما بعد عن المسجد، قال له العلوي: يا خبيث تؤدي إلي حقي؟
قال الأموي: نعم يا ابن رسول الله. فقال للحارسين: انطلقا عنه. ثم أطلقه، فقبل الأموي رأس العلوي، وقال: بأبي أنت وأمي، الله أعلم حيث