إخوته، حيث أسند إلى كل واحد من الكبار إمارة من إمارات البلاد، وأبقى الصغار في كفالته، فنجحت سياسته هذه نجاحا باهرا، إذ ظل جميع إخوانه موالين له إلى النهاية ما عدا عيسى والقاسم اللذين تغلب عليهما محمد، وعزلهما عن الإمارة. وتوفي محمد سنة 221 بعد أن عهد بالأمر لابنه علي.
علي بن محمد:
وسار علي بسيرة أبيه وجده في العدل، وظهرت عليه دلائل الذكاء والفضل، وحسنت في أيامه حال الرعية، وكانوا في أمن ودعة إلى أن توفي سنة 234، وعهد بالأمر لأخيه يحيى بن محمد.
يحيى بن محمد:
وامتد سلطان يحيى بن محمد، وعظمت دولته، وحسنت آثاره، واستبحر عمران فاس، وبنيت فيها الحمامات والفنادق، ودخل إليها الناس من الثغور القاصية وبني في عهده مسجد القرويين المعروف اليوم بجامعة القرويين، وهي جامعة دينية إسلامية تضم المئات من الطلاب، كجامعة النجف في العراق، والأزهر في مصر، وجامع الزيتونة في تونس، وتوفي يحيى بن محمد سنة 264، وخلفه ابنه المسمى باسمه.
يحيى بن يحيى:
وأساء يحيى السيرة، وكثر عبثه ولهوه، فتغير عليه أهل فاس، ففر إلى الأندلس، حيث لاقى حتفه.
ولما عزل استولى على الحكم ابن عمه علي بن عمر الذي لم تطل أيامه، إذ اضطرته ثورة الخوارج إلى الفرار.
فبايع الناس يحيى حفيد إدريس الثاني، فنجح إلى حين في نشر سلطانه، وفي سنة 305 زحف مصالة قائد عبيد الله المهدي الخليفة الفاطمي الأول، وزحف إلى فاس وحاصرها، فصالحه يحيى على مال يؤديه إليه، وعلى البيعة لعبد الله المهدي، وخرج الملك من يده (الاستقصاء ج 1).