وعلم حينئذ أهل البحث والتنقيب من أولي الألباب أن هذه أمور دبرت بليل، وأنها عن عهد السلف بها إلى إلى خلفه، وما كانت ارتجالا من يزيد - وما المسبب لو لم ينجح السبب - ثم لم تزل أنوار هذه الحقيقة تتجلى لكل من نظر نظرا فلسفيا في فجائع الطف وخطوب أهل البيت عليهم السلام، أو بحث بحث مدقق عن أساس تلك القوارع، وأسباب هاتيك الفظائع.
وقد علم أهل التدقيق من أولي البصائر أنه ما كان لهذا الفاجر أن يرتكب من أهل البيت ما ارتكب، لولا ما مهده سلفه من هدم سورهم، وإطفاء نورهم، وحمله الناس على رقابهم، وفعله الشنيع يوم بابهم. (1) وتالله لولا ما بذله الحسين عليه السلام في سبيل إحياء الدين من نفسه الزكية، ونفوس أحبائه بتلك الكيفية، لأمسى الإسلام خبرا من الأخبار السالفة (2)،