[المجلس الحادي والثلاثون ومن كلام له عليه السلام بعد تلاوته ألهيكم التكاثر × حتى زرتم المقابر (1):
يا له مراما ما أبعده! وزورا ما أغفله! وخطرا ما أفظعه! لقد استخلوا منهم أي مدكر، وتناوشوهم من مكان بعيد.
أفبمصارع آبائهم يفخرون! أم بعديد الهلكى يتكاثرون! يرتجعون منهم أجسادا خوت، وحركات سكنت، ولأن يكونوا عبرا، أحق من أن يكونوا مفتخرا، ولأن يهبطوا بهم جناب ذلة، أحجى من أن يقوموا بهم مكان عزة، لقد نظروا إليهم بأبصار العشوة، وضربوا منهم في غمرة جهالة، ولو استنطقوا عنهم عرصات تلك الديار الخاوية والربوع الخالية، لقالت: ذهبوا في الأرض ضلالا، وذهبتم في أعقابهم جهالا، تطؤون في هامهم، وتستنبتون في أجسامهم، وترتعون فيما لفظوا، وتسكنون فيما خربوا، وإنما الأيام بينكم وبينهم بواك ونوائح عليكم.
أولاؤكم سلف غايتكم وفراط مناهلكم، الذين كانت لهم مقاوم العز، وحلبات الفخر، ملوكا وسوقا، سلكوا في بطون البرزخ سبيلا، سلطت الأرض عليهم، فأكلت من لحومهم، وشربت من دمائهم، فأصبحوا في فجوات قبورهم، جمادا لا ينمون، وضمارا لا يوجدون..... لئن بليت آثارهم، وانقطعت أخبارهم، لقد رجعت فيهم أبصار العبر، وسمعت عنهم آذان العقول، وتكلموا من