[المجلس الثالث العشرون] لما جهز رسول الله صلى الله عليه وآله جيش مؤتة جعل الأمير يومئذ ابن عمه جعفر بن أبي طالب، وقال صلى الله عليه وآله: إن أصيب جعفر فزيد بن حارثة، فإن أصيب زيد، فعبد الله بن رواحة.
وقيل: أنه قدم زيدا، فقال جعفر: ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيدا.
فقال صلى الله عليه وآله: امض فإنك لا تدري أي ذلك خير.
قال ابن الأثير: ثم ساروا فالتقتهم جموع الروم والعرب بقرية من البلقاء يقال لها (مشارف)، وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها (مؤتة) فاقتتلوا قتالا شديدا، فقاتل زيد براية رسول الله صلى الله عليه وآله حتى شاط في رماح القوم، ثم أخذها جعفر فقاتل وهو يقول:
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها والروم روم قد دنى عذابها كافرة بعيدة أنسابها علي إذ لاقيتها ضرابها فلما اشتد القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها، ثم قاتل القوم حتى قتل - وكان أول من عقر فرسه في الإسلام - فوجد به بضع وثمانون جرحا، ما بين ضربة ورمية وطعنة.
بأبي أنت وأمي يا أبا عبد الله.
بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله.
لئن وجدوا في جسد عمك بضعا وثمانين جرحا، فلقد أصبت يوم الطف