هذه سيرتهم المستمرة أيام حياتهم، فهل ترى بجدك للعوام مدرسة تقوم مقامها في جسيم فوائدها وعظيم مقاصدها؟ لا وسر الحكماء الذين بعثوا شيعتهم عليها وحكمة الأوصياء الذين أرشدوا أوليائهم إليها.
ومنها: الارتقاء في الخطابة، والعروج إلى منتهى البراعة، كما يشهد به الوجدان، ولا نحتاج فيه إلى برهان.
ومنها: العزاء عن كل مصيبة، والسلوة لكل فادحة، إذ تهون الفجائع بذكر فجائعهم، وتنسى القوارع بتلاوة قوارعهم، كما قيل في رثائهم عليه السلام:
أنست رزيتكم رزايانا التي * سلفت وهونت الرزايا الآتية ومنها: إنعاش أهل الفاقة، وإثلاج أكباد حرى من أهل المسكنة على الدوام بما نفق في هذه المآتم من الأموال في سبيل الله عز وجل، وما يبذل فيها لأهل المسغبة وغيرهم، وأنت تعلم أنه لا وسيلة لقراء تلك المآتم في التعيش غالبا إلا هذه الوظيفة، وهم من الرجال والنساء - بقطع النظر عمن يقومون بنفقته، ألوف مؤلفة يعيشون ببركة أهل البيت عليهم السلام ويتنعمون بيمن مآتمهم عليهم السلام.
ومنها: إن المصلحة التي استشهد الحسين عليه السلام - بأبي وأمي - في سبيلها، وسفك دمه الزكي تلقاءها، تستوجب استمرار هذه المآتم، وتقتضي دوامها إلى يوم القيامة وبيان ذلك:
إن المنافقين حيث دفعوا أهل البيت عليهم السلام عن مقامهم، وأزالوهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها، ظهروا للناس بمظاهر النيابة عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وأظهروا التأييد لدينه، والخدمة لشريعته، فوقع الالتباس، واغتر