المجلس الثالث: في تلاوة الأحاديث لا ريب في رجحان تلاوة الأحاديث المشتملة على مناقب الموتى من المؤمنين ومصائبهم، إذ تكون كذكرى لحياتهم، تنتفع الأمة بها على قدر مكانتهم في محامد الصفات، ومكارم الأخلاق، ومحاسن الأفعال.
وأن أمة تهتم بتاريخ عظمائها الممتازين في دينهم ودنياهم، لتعد حافظة مجدها، ناصحة لمن بعدها، وقد جرت سيرة الخلف والسلف على ذكر مناقب الموتى ومصائبهم، كنابة وخطابة، نظما ونثرا، والعقل والنقل يحكمان بحسن ذلك، وقواعد المدنية تقتضيه، وأصول الترقي في المعارف والفضائل توجبه، إذ به تحفظ الآثار النافعة، وتخلد الأرواح الشريفة، وبالتنافس فيه تعرج أبطال المنابر إلى أوج البلاغة، وتستوي رجال المحابر بيراعتها على عرش البراعة.
وما أحوج الأمة إلى ذكرى ما أصاب سلفها من النوائب أيام بؤسهم، وما اكتسبوه من المآثر والمناقب أيام عزهم إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب (1).
وهذا كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وآله يمثلان مناقب الأنبياء ومصائبهم بأجلى مظاهر التمثيل، ويصوران مثالب أعداء الله وأعداء أنبيائه بأوضح التصوير، ولولا الكتاب والسنة، ما عرفنا فضائل أنبياء الله، ولا رذائل أعدائه، وأنى لنا - لولا الكتاب والسنة - بالوقوف على نصح الأنبياء لله تعالى ولعباده، والصبر على الأذى الذي نالهم في سبيل الحق من النماردة