[المجلس الرابع العشرون ذكر الزبير بن بكار، عن محمد بن الحسن المخزومي، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، عن أبي وجرة قال:
لما حضرت الخنساء بنت عمرو بن الشريد السلمية حرب القادسية، ومعها بنوها أربعة رجال، فقالت لهم من الليل:
يا بني إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، ووالله الذي لا إله إلا هو أنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، ولا غيرت نسبكم، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل، في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية، خير من الدار الفانية، يقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون (1)، فإذا أصبحتم غدا سالمين إن شاء الله تعالى، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، وأضرمت لظى عن سياقها، وجللت على أرواقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها، تظفروا بالغنم والكرامة، في دار الخلد والمقامة.
فخرج بنوها قابلين لنصحها، عازمين على قولها، فلما أضاء لهم الصبح، باكروا مراكزهم وأنشأ أولهم يقول: