غير جهات النطق، فقالوا: كلحت الوجوه والنواضر، وخوت الأجسام النواعم، ولبسنا أهدام البلى، وتكأدنا ضيق المضجع، وتوارثنا الوحشة، وتكهمت الربوع الصموت، فانمحت محاسن أجسادنا، وتنكرت معارف صورنا، وطالت في مساكن الوحشة إقامتنا، ولم نجد من كرب فرجا، ولا من ضيق مخرجا. (1) وتالله لا يفرج الكرب، ولا يؤنس الوحشة إلا شفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وأوصيائه عليهم السلام، وبالله لترون أمير المؤمنين عليه السلام واقفا على شفير قبوركم يعلمكم جواب منكر ونكير، وليبدلن الله وحشتكم بواسطته أنسا، وخوفكم برؤيته أمنا، وليدخلن عليكم السرور في أجداثكم، ولتقومن يوم القيامة سيدة نساء العالمين عليها السلام مقاما تغبطون عليه وتدخلون به الجنة.
فحقيق علينا أن نشاركها في مصيبتها التي أرزأت جبرائيل، ونواسيها في رزيتها التي عظمت على الرب الجليل.
فيا ليت لفاطمة وأبيها عينا تنظر إلى بناتها وبنيها، وهم ما بين مسلوب وجريح، ومأسور وذبيح، وبنات الوحي والنبوة يطاف بهن من بلد إلى بلد حتى وردوا بهن الشام، فلما قربوا من دمشق دنت أم كلثوم من شمر لعنه الله فقالت له:
لي إليك حاجة.
قال: ما حاجتك؟
قالت: إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل نظاره. (2) وتقدم إليهم أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنها،