ففررت منهم لما خفتهم بعيالك وأطفالك وأهل بيتك، فلاقيت من أعداء الله ما رفع الله به قدرك، وعظم به أمرك، ولقد يعز على جدك رسول الله صلى الله عليه وآله أن يراك بين ثلاثين ألفا لا ناصر لك ولا معين، وأبناؤك وإخوتك وأهل بيتك والخيرة من شيعتك مجزرين كالأضاحي نصب عينيك، ورضيعك يذبح وهو على يديك، وحرمك نوائح ونوادب من خلفك ينادين: واغربتاه، وا ضيعتاه.
وبالعزيز على فاطمة الزهراء أن تراك يا عزيزها بين جموعهم وقد ضعفت عن القتال، ونزف دمك من كثرة الجراح، وحال العطش بينك وبين السماء كالدخان، وأنت تنادي:
أما من ناصر فينصرنا؟
أما من مغيث فيغيثنا؟
وليت رسول الله رآهم وقد افترقوا عليك أربعة فرق: فرقة بالسيوف، وفرقة بالرماح، وفرقة بالسهام، وفرقة بالحجارة، حتى ذبحوك عطشانا من القفا، وأنت تستغيث فلا تغاث.
ثم هجموا على ودائع النبوة فسلبوهن ونهبوا خيامهن، وأشعلوا فيها النار، فخرجن حافيات حاسرات، معولات مسلبات ينادين:
وا محمداه وا علياه، وما اكتفوا بذلك حتى أجالوا الخيل على جسدك الطاهر، ورفعوا رأسك على رمح طويل، وساقوا نساءك وهن عقائل الوحي سبايا، كأنهن من كوافر الديلم، حتى أدخلوهن تارة على ابن مرجانة، وأخرى على ابن آكلة الأكباد.
وأعظم ما يشجي الغيور دخولها * على مجلس ما بارح اللهو والخمرا يعارضها فيه الدعي مسبة * ويصرف عنها وجهه معرضا كبرا