وذي نخوة قد ردته ذليلا، سلطانها دول، وعيشها رنق (1)، وعذبها أجاج، وحلوها صبر، وغذاؤها سمام، وأسبابها رمام، حيها بعرض موت، وصحيحها بعرض سقم، ملكها مسلوب، وعزيزها مغلوب. (2) هذه أنبياء الله وأصفياؤه تغلبت عليهم الجبابرة، وتحكمت فيهم أعداء الله حتى كان بنو إسرائيل ربما يقتلون بين طلوعي الفجر والشمس سبعين نبيا، ثم يجلسون في أنديتهم كأنهم لم يفعلوا شيئا.
ولما بعث الله إسماعيل بن حزقيل إلى قومه سلخوا جلده ووجهه وفروة رأسه، فأتاه ملك من ربه عز وجل يقرؤه السلام ويقول له: قد أمرني الله بطاعتك، فمرني بما شئت، فقال عليه السلام: لي بالحسين أسوة.
بأبي أنت وأمي يا أبا عبد الله.
بأبي أنت وأمي يا من تأست به أنبياء الله، لئن سلخت جلدة وجه إسماعيل وفروة رأسه في سبيل الله، فلقد أصابك في إعلاء كلمة الله من ضرب السيوف ووخز الأسنة، ورمي الأحجار، ورشق النبال، ووطئ الخيل، وعسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ما هو أعظم من ذلك.
تأست بك أنبياء الله لكن لم يبلغوا شأوك، ولا أصيبوا بما أصبت، وهل مني أحد من العالمين بما منيت به؟ فررت بدمك من حرم جدك صلى الله عليه وآله إلى حرم الله عز وجل حيث يأمن الوحش والطير، فلم تأمن فيه على نفسك،