هذا جناي وخياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه (1) ورآه عدي بن حاتم (2) وبين يديه ماء قراح، وكسيرات من خبز الشعير فقال: لا أرى لك يا أمير المؤمنين أن تظل نهارك صائما مجاهدا، وبالليل ساهرا مكابدا ثم يكون هذا فطورك؟ فقال عليه السلام:
علل النفس بالقليل وإلا طلبت منك فوق ما يكفيها (3) ولم يزل هذا دأبه، وهذه سجيته، حتى ضربه أشقى الآخرين على رأسه في مسجد الكوفة صبيحة ليلة الأربعاء لتسعة عشر مضين من شهر رمضان المبارك وهو ساجد لله في محرابه، فبلغ السيف موضع السجود من رأسه، فقال:
بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله، فزت ورب الكعبة لا يفوتنكم ابن ملجم، واصطفقت أبواب الجامع، وهبت ريح سوداء مظلمة، ونادى جبرائيل بين السماء والأرض:
تهدمت والله أركان الهدى، وانطمست والله أعلام التقى، وانفصمت والله العروة الوثقى، قتل ابن عم المصطفى، قتل الإمام المجتبى، قتل علي المرتضى، وجعل الدم يجري على وجهه، فيخضب به لحيته الشريفة.
واقتدى به ولده أبو عبد الله عليه السلام حيث رماه سنان لعنه الله بسهم