فقال له الحر: بلى، ولكن كتاب الأمير قد وصل يأمرني فيه بالتضييق عليك، وقد جعل علي عينا يطالبني بذلك.
فقام الحسين عليه السلام خطيبا في أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه وذكر جده فصلى عليه، ثم قال:
إنه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها واستمرت هذاء، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الأناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، فليرغب المؤمن في لقاء ربه محقا، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما.
فقام زهير بن القين فقال: سمعنا يا بن رسول الله مقالتك، ولو كانت الدنيا لنا باقية، وكنا فيها مخلدين، لآثرنا النهوض معك على الإقامة.
وقام هلال بن نافع البجلي (1) فقال: والله ما كرهنا لقاء ربنا، وإنا على نياتنا وبصائرنا نوالي من والاك ونعادي من عاداك.
وقام برير بن خضير (2) فقال: والله يا بن رسول الله لقد من الله بك علينا أن