المتنافيين.
لكن الروايات المنافية للحق لما صارت شبهة لبعض الناس، وصالحة لصيرورتها شبهة لبعض آخر، يقتضي طريقة الهداية ذكر ما يظهر من عيوبها مفصلا، بمثل ضعف السند وأمارة الكذب، سدا عن حصول الشبهة لبعض، وإزاحة للشبهة الحاصلة المانعة عن الوصول إلى الحق عن بعض، وهذا في الرواية التي تظهر في المقصود.
وأما الرواية التي تشبه حالها في المقصود، فإنه يسكت عن التفصيل ويعلم مجملا أحد الأمرين: إما عدم كونها من المعصوم، أو عدم إرادة منفي ما ثبت بالبرهان منها. وإذا سلك هذه الطريقة في قدر صالح من رواياتهم، فيحيل الباقية إلى المقايسة والجعل ببيان الدواعي الباطلة التي ظهرت لك، فإنهم لم يفتروا في وضع الأخبار حتى يتعرض كل ما وضعوا بالتفصيل.
إذا عرفت ما أسسته لك هاهنا، وما بينت لك سابقا، من بطلان إمامة الثلاثة بالأدلة القطعية، ظهر لك أنه ليس قصر همة أهل الحق على الطعن وحده، بل غرضهم دفع روايات موضوعة منافية للحق، بأمارات دالة على وضعها، حتى لا يقع الجاهل في الشبهة، وتخلص الطالب للحق الواقع فيها عنها.
وبعد ما ذكرته من البيان ظهر لك أنا لا نتعرض لعيب من نتعرض عيوبهم بمحض طلب العيب، بل المقصود إظهار الحق على الطلاب، وأن من يدفع العيب عنهم تصدى لدفع العيب عنهم بمحض الهوى وتبعية السلف، لا بسبب اقتفاء البرهان والحجة، ونعم ما قال، والسعيد من أنصف... الخ.
فإن قلت: مدائح عمر كثيرة، فإن كان بعضها كاذبا فبعضها صادق، لأنه إذا بلغت الرواية إلى الكثرة، يثبت الأمر المشترك من غير أن يحتاج إلى تصحيح السند، فإذا ثبت فرار الشيطان عنه، أو ما هو بمنزلته في الدلالة على استمرار