الفصل السادس في إثبات إمامة باقي الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) ويدل عليه أمور:
منها: قوله تعالى * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * (1) لدلالته على الأمر بالإطاعة المطلقة لأولي الأمر، بعدم ذكر متعلق الإطاعة، وبأن إطاعة الله تعالى لا تقييد فيها، فكذلك إطاعة الرسول وأولي الأمر، وعدم التقييد في الإطاعة يدل على العصمة.
وبها يثبت بطلان عمدة المذاهب التي تحتاج إلى الإبطال، مثل مذهب أهل السنة مطلقا، وفرق الزيدية، فبإبطال مذهب الواقفية والناووسية والإسماعيلية التي نشأت كل منها من إنكار المحسوس، ومذهب مثل الكيسانية الذي لم يبق منه إلا الاسم كما سنذكره، يثبت حقية مذهب الإمامية الاثنا عشرية، فظهر بالآية المذكورة أن القول بالاجتهاد في الرسول، بل القول به في الإمام أيضا لا وجه له.
فإن قلت: لا نسلم إطلاق الإطاعة وما جعلته قرينة عليه معارض بقوله تعالى * (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله وإلى الرسول) * فإن الاكتفاء في الرد بالله تعالى والرسول، يدل على عدم الحجية في قول أولي الأمر، بل إطاعته إنما هي فيما علم موافقته للشرع الأنور، أو فيما لا يعلم مخالفته له، فسقط الاستدلال.
قلت: لا يصلح المعارضة بما ذكرته للقرينتين اللتين ذكرتهما، لكون ما ذكرته من عموم الأمر بالإطاعة بالوجهين المذكورين في غاية الظهور. وأما الاكتفاء في الرد بالله والرسول عند التنازع، فلا ظهور له في عدم لزوم الاطلاق في إطاعة أولي الأمر، لأنه يمكن أن يقال: أن الإطاعة المطلقة إما إطاعة الخالق، أو المخلوق.