المقصد الثاني مختصر في نبوة نبينا (صلى الله عليه وآله) دليل نبوته: أنه ادعاها وظهر المعجزة على يده، فهو صادق في الدعوى. أما ادعاؤه النبوة، فهو غني عن البيان. وأما بيان ظهور المعجزة، فله طرق أكتفي بأحدها، وهو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع كونه أميا جاء بكلام هو القرآن، وادعى أنه كلام الله تعالى بعد دعوى النبوة، وذكر في الكلام المذكور في بيان كونه كلام الله تعالى * (فأتوا بسورة من مثله) * (1) و * (لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) * (2) وعجزوا عن الإتيان بسورة من مثله.
أما كونه أميا، فلأنه مع ذكر كونه أميا فيما ادعى أنه قرآن، لم يقدر أحد من اليهود والنصارى وسائر فرق منكري النبوة على تكذيبه، مع كونهم في غاية المبالغة في تكذيب النبي (صلى الله عليه وآله).
ووجه عدم الإمكان أنه كان من أكابر قريش المعلومة أحواله من أيام الصبا إلى آخر أيامه الشريفة، بحيث لم يمكن لأحد أن يقول: لم ادعيت الأمية؟ ألم يكن معلمك في أيام كذا فلانا أو مع فلان؟ ولو لم يكن أميا بل قارئ لقالوا ذلك وأظهروا عدم صدقه في الأمية، بحيث لا يبقى شك لأحد في مقالتهم، بل ولا خصوص المعلم، وكان اللاحقون ينقلون عن السابقين كون معلمه فلانا في زمان كذا وفلانا في زمان كذا على تقدير التعدد، لغاية توفر الدواعي وعدم النقل في أمثال هذه الأمور، بل في الأمور المتوفرة الدواعي التي لم تكن بهذه المرتبة يورث القطع بالعدم.
وأما عجزهم عن الإتيان بسورة من مثله مع صرف كثير من المنكرين قسطا