زمان التكلم بهذا الكلام كان كذلك لا بعده، فمع بعده لأنه لا يمدح رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمثل هذا المدح من يؤول أمره إلى ما آل إليه أمر عمر لا ينتفعون به أصلا، وببعض ما يندفع به الثانية يندفع به الأولى أيضا.
فإن قلت: ما ذكرته رد للروايتين الصحيحتين اللتين سلمهما العلماء وصححهما الأمناء، وهو جرأة عظيمة.
قلت: مجرد تسمية الرواية صحيحة لا يجعلها صادقة ولا معتمدة، كيف؟ وأحد رواة الأولة عائشة، ومحاربتها مع أمير المؤمنين (عليه السلام) متواترة وبغضها ظاهر، فكيف يجتمعان مع العدالة؟ وشناعة المحاربة واضحة، وبغضه (عليه السلام) علامة النفاق، وتوبتها غير ثابتة. ولو فرض توبتها عن المحاربة لا وثوق بكلامها، وكيف يمكن الاعتماد بكلامها مع ظهور كذبها بنسبة دم عثمان إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) عالمة بالبراءة، جعلا لها وسيلة لإثارة الفتنة. وعلى ظنهم التوبة عن الكذب في وقت ما لا وثوق بها ما لم يعلم أنه كانت الرواية في وقت التوبة، وظاهر أنه لم ينضبط زمان الرواية هل كان في زمان كذابيتها أو في زمان فرض توبتها.
لا يقال: زمان الصلاح أكثر من زمان الخطيئة، والظن تابع للأغلب، أو الأصل تأخر الحادث.
لأنا نقول - بعد المنع من تحقق الصلاح، وعلى فرض التحقق من كون زمان كونها ظاهر الصلاح أكثر، ومعارضة الأصل بمثله -: أن أمثال تلك الوجوه لا توجب الوثوق الذي هو مدار جواز العمل بالرواية وبناء الأمور عليها.
وأيضا نسبة استمرار عداوة أمير المؤمنين (عليه السلام) إليها كافية للاتهام لو فرض عدم العلم بها، مع أنه روى ابن الأثير في جامع الأصول عن بعض صحاحهم، ولا يحضرني اللفظ بالتمام لكن أتذكر معناه وما هو محل الاستدلال من اللفظ، أنه سأل ... عائشة بعد قتل الخوارج وقال: يا أمه لا يمنعك ما بينك وبين علي أن تخبريني بما