الباقين سبيل المؤمنين، لعدم إخراج البدعة الفاحشة عن الإسلام والإيمان أيضا إذا لم تشتمل على كفر. وعلى تقدير خطأ الباقين وضلالتهم لا يلزم اجتماع الأمة على الخطأ والضلالة، وعلى هذا فقس.
وإذا ظهر اختلال الاجماع بقول صاحب البدعة الواضحة، فاختلاله بقول غيره من فرق الإسلام بطريق أولى، فظهر أنه لا يصح الحكم بكون المسألة إجماعية، مع احتمال مخالفة مجتهد واحد من أهل القبلة الذي لا يشتمل بدعته على كفر، كالمجسمة على قول من يكفرهم، وإن كان الباقون في غاية الفضل والصلاح والكثرة.
المسألة الثالثة في أنه إذا قال واحد أو جماعة بقول وسكت الباقون ولم ينكره أحد، هل يتحقق به الاجماع أم لا؟ اختار صاحب المختصر أنه إجماع أو حجة، والحق أنه ليس بإجماع ولا حجة.
وحاصل ما استدل على مختاره أنه يفيد الظن، وهو كاف للحجية وإن لم يكن إجماعا، كحجية الخبر والقياس، وهو ضعيف، لأن تخصيص العمومات الدالة على حرمة متابعة الظن لا يصح إلا بدليل معتمد، وهو يجري في الخبر وفي القياس، باعتبار دلالة الخبر عليه، لو سلم اعتبار الخبر الدال عليه، وجواز إثبات هذا الأصل بالظن.
وأما جواز تبعية الظن الذي يحصل من السكوت، فلا دليل عليه عند كثير من الأصوليين، وإن أقيم دليل على جواز تبعية الظن عند تعذر العلم، اكتفينا بما ننقله من عدم إفادة الظن على أصلهم، ونقويه بما يظهر لك من عدم صحة الحكم بإفادة الظن.
ونقل الشارح الاحتجاج على عدم كونه إجماعا ولا حجة، بأنه يجوز أن يكون