الناس أنه سؤال عن الأحاديث المتداولة بين الناس التي صارت سببا للاشتباه، فالظاهر أن الجواب جواب عنه، لا عما ينجر الأمر إليه.
والظاهر أن الأخبار التي أمر معاوية بوضعها أكثرها كان بعد هذا الكلام، وما كان من الأخبار التي أمر معاوية بوضعها قبله، صار سببا للاشتباه بمر الدهور، لا زمان التكلم بهذا الكلام.
وإذا لوحظ ظاهر هذا الكلام بعد ملاحظة بعض آخر من كلامه (عليه السلام) مثل الخطبة الشقشقية وغيرها، يحصل القطع باندراج السابقين في أئمة الضلالة هاهنا، لو لم يكن المقصود بالذات منحصرا فيهم.
قال ابن أبي الحديد: روى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب الأحداث، قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن برأت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته. فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا، ويبرأون منه، ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة، لكثرة من بها من شيعة علي (عليه السلام)، فاستعمل عليهم زياد بن سمية، وضم إليه البصرة، فكان يتبع الشيعة وهو بهم عارف، لأنه كان منهم أيام علي (عليه السلام) فقتلهم تحت كل حجر ومدر، وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل، وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشردهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم.
وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق، أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة. وكتب إليهم: أن أنظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته، والذين يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم، واكتبوا إلي بكل ما يروي كل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته.
ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه، لما كان يبعثه إليهم معاوية من