العادة، مع أن تصديق أمير المؤمنين (عليه السلام) بانفراده كان كافيا لدوران الحق معه. وما في الرواية الثانية والثالثة، وكونه في غاية الشناعة، لا يحتاج إلى البيان. وبعد ما ذكرته ظهر لك ضعف ما نقلته عن صاحب المغني، من غير حاجة إلى التفصيل.
وبناء كلامنا هاهنا على رواية صدق أبي ذر التي أشرت إليها، ومع قطع النظر عنها نقول: أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ما في صحاحهم أن أبا ذر أحد الأربعة الذين أمر الله رسوله (صلى الله عليه وآله) بحبهم، وأخبر أنه يحبهم (1)، وأنه أشبه عيسى (عليه السلام) في ورعه (2)، وأنه يمشي في الأرض بزهد عيسى بن مريم، كما مر في النظر السابع، فقوله ببطلان عثمان وشناعة أفعاله يدل عليهما، لامتناع اجتماع الصفات المذكورة بل تحقق أحدها في من يقول بغير علم.
وكيف يجوز من يعرف مرتبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصدق كلام إخباره (صلى الله عليه وآله) باجتماع تلك الصفات في من يصر في تشنيع البرئ عن المعائب الذي يجب إطاعته على كافة الناس؟ هذا الظن بأبي ذر لا يليق بمن أذعن برسول الله (صلى الله عليه وآله).
اعلم أن الطعن هاهنا ليس هو الضرب فقط، بل كلما أنكر أحد من أبي ذر وعمار على عثمان طعن برأسه.
ضرب ابن مسعود وإحراق مصحفه:
ومنها: ضرب ابن مسعود حتى مات، وإحراق مصحفه (3)، نذكر بعض مدائحه المنقولة في صحاحهم، حتى يظهر زيادة شناعة ضربه، والعدول عن قراءته، وقباحة إحراق المصحف مستغنية عن التوضيح.