كلامه (عليه السلام) في نهج البلاغة:
وفي نهج البلاغة الأصل: ومن هذا العهد، فإنه لا سواء، إمام الهدى وإمام الردى، وولي النبي، وعدو النبي، ولقد قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني لا أخاف على أمتي مؤمنا ولا مشركا، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه. وأما المشرك فيقمعه الله بشركه ولكني أخاف عليكم كل منافق الجنان، عالم باللسان، يقول ما تعرفون، ويفعل ما تنكرون (1).
قال الشارح: ليس يعني بذلك أنه كان عدوا أيام حرب النبي (صلى الله عليه وآله) لقريش، بل يريد أنه الآن عدو النبي (صلى الله عليه وآله) لقوله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) " وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله " وأول الخبر " وليك وليي، ووليي ولي الله " وتمامه مشهور (2) انتهى.
اعلم أن مراده (صلى الله عليه وآله) من خوفه على الأمة هاهنا هو خوف وقوعهم في الضلال، لا خوف جريان الظلم عليهم والقتال، لظهور وقوعهما من جنكيز وغيره من سلاطين الكفر والعدوان على الأمة، ومع ذلك يدل على ما ذكرته قوله (عليه السلام) " منافق الجنان عالم باللسان يقول ما تعرفون ويفعل ما تنكرون " كما لا يخفى.
وإذا عرفت ما ذكرته ظهر لك أن لا خوف على الأمة من منافق لا يتوهم كونه مطاعا، فيجب التفتيش في من يدعي الإمامة، ووجوب الإطاعة، والخوف عن إطاعة من لا يجوز إطاعته، وعدم الاعتماد على قول من يحتمل النفاق في شأنه، حتى يظهر الإيمان بحسب الباطن أيضا أو النفاق، وتخلص المودة في الأول، ويجتنب عن الإطاعة في الآخر، فتخلص عن خوف الهلاك.
فإذا عرفت هذا يدل ما نسب معاوية إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) لإرادة المذمة الذي