المقصد الرابع في مجمل من المعاد الجسماني لما كان بعض الشبهات سببا لإنكار بعض الناس للمعاد الجسماني، يجب تقديم دفع ما يحتاج إلى الدفع على الإثبات.
منها: أن المعاد الجسماني يستلزم إعادة المعدوم، وهي ممتنعة عقلا، فإذا امتنع إعادته فما سمي معادا إنما هو بدن مغاير للبدن الأول، فلا تصح المجازاة في هذا البدن الذي لم يكن حين الإطاعة والعصيان.
والجواب: أن أحدا من المكلفين إذا قذف محصنة أو زنا عند كونه في غاية السمن، وطرأ عليه قبل ثبوته عند الحاكم، أو بعد ثبوته، وقبل الإقامة مرض حاد ذاب شحمه ولحمه، ثم برأ من المرض تائبا عن المعصية عابدا صالحا، حتى صار سمينا مثل الأول، ثم ثبت معصيته السابقة التي بها استوجب الحد، أو تيسر الإقامة، يقيمه الحاكم عليه مع كون أكثر أجزائه طارء عند الصلاح.
وإذا عرفت هذا فإن قلت في جواب من يجري نظير الشبهة المذكورة هاهنا أن المستحق الألم بالمعصية إنما هو النفس وتغير آلاتها لا يضر، فكذلك القول في المعاد، وكذلك إن قلت ببقاء الأجزاء الأصلية التي هي العمدة.
فإن قلت: الهيئة معتبرة في شخص البدن، وهي منعدمة عند اندراس البدن وتلاشي أجزائه، بخلاف التغير بالسمن والهزال، فإن ما يعتبر في شخصية البدن محفوظ في الحالتين.
قلت: كون تغير البدن التابع لتغير الهيئة موجبا لعدم جواز كون البدن آلة لعقاب النفس لا دليل عليه، لأن الآيات المتكاثرة والأخبار المتظافرة والضرورة من الدين، إنما تدل على المعاد الجسماني. وأما كون الهيئة الأخروية عين الهيئة الدنيوية،