المبحث الثالث في أن علمه تعالى عين ذاته لأنه لا يجوز أن يكون علمه بحصول صورة فيه، لأن الصورة كما تحتاج إلى القابل تحتاج إلى الفاعل، والقول بأن احتياجها إلى الفاعل إنما يكون إن لم يكن حصول الصورة ضروريا بالنسبة إلى الواجب، وأما إذا كان ضروريا، فلا يحتاج إلى علة، كزوجية الأربعة التي لا حاجة لها إلى علة إنما الحاجة هي للأربعة، ولعل فيما نحن فيه لا حاجة للصورة إلى علة، لانتفاء سبب الاحتياج الذي هو الإمكان.
ضعيف، لأن إمكان الحال في شئ ضروري، فيلزم الحاجة إلى الفاعل، لكن يمكن فيما يكون لموصوفه علة كالأربعة أن يكون جعل الموصوف بالذات جعلا للوصف بالعرض، وفيما نحن فيه لما لم يكن لموصوف الصورة على تقدير تحققها علة حتى يكون الصورة معلولة لها بالعرض، فلها علة وفاعل.
ففاعلها إن كان هو الواجب، فإما أن يكون في مرتبة إفاضة الصورة العلمية التي هي مرتبة متقدمة عالما بغير هذه الصورة، أو عالما بها، أو غير عالم مطلقا، والأول يستلزم كون علمه تعالى بغير هذه الصورة، وهكذا لو فرضت صورة أخرى قبل هذه الصورة، فما فرضته صورة علمية لم تكن صورة علمية، والثاني والثالث ظاهر البطلان، لسبق مرتبة العالم على الصورة، وتوقف (1) إفاضة العلم على العلم، فأي عاقل يجوز أن يكون مفيض العلم غير عالم، وبطلان كون فاعل علم الصانع غيره، تعالى عن ذلك علوا كبيرا عن البيان.
فعلمه تعالى: إما بحضور المعلوم، أو غيره. والأول لا يصح في الحوادث