السياق يقتضي كون الأمة الذين نسب كل واحد من الرجلين إليهم الأمة الذين نسب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليهم، كما يعلمه العارف بأسلوب الكلام، فالأمة هاهنا ما عدا الثلاثة من المسلمين، فلزم ما ألزم ولم يندفع بما ذكر.
والأربعة الباقية تبطل ببعض ما ذكرته بلا حاجة إلى البيان.
روى ابن أبي الحديد روايتين صحيحتين عندهم قبل الروايات المنقولة، فقال:
فمما ذكر في المسانيد الصحيحة من ذلك، ما روت عائشة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:
كان في الأمم محدثون، فإن يكن في أمتي فعمر. أخرجاه في الصحيحين.
وروى سعد بن أبي وقاص، قال: استأذن عمر على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعنده نساء من قريش يكلمنه، عالية أصواتهن، فلما استأذن قمن يبتدرن الحجاب، فدخل ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يضحك، قال: أضحك الله سنك يا رسول الله، قال:
عجبت من هؤلاء اللواتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب، فقال عمر: أنت أحق أن يهبن، ثم قال: أي عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله؟
قلن: نعم أنت أغلظ وأفظ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك. أخرجاه في الصحيحين (1) انتهى.
والأولى من الصحيحتين تندفع بلزوم رجحانه على أبي بكر، وهو خلاف روايتهم، وبوفور جهالاته وزلاته. والثانية بفراره عن الزحف كما ظهر لك سابقا، وبحكاية الحديبية، وكشف بيت فاطمة (عليها السلام) وايذائها، وإيذاء أهل البيت.
وما ذكرته إنما يرد عليهم أن استدلوا بالرواية على كون عمر في زمان إسلامه قبل هذا الكلام من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شأنه وبعده كذلك. وإن قالوا في دفع الايراد إنما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " ما لقيك " بلفظ الماضي، ولعل عمر من أول الإسلام إلى