نسبوه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأيضا أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عائشة بالنظر إلى الملاهي ورفعها حتى يمكنها النظر تجويز لتلك الملاهي البتة، لو لم يكونا ترغيبا بها، فكيف يجتمع هذا مع ما نسبوه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) " إني لأنظر إلى شياطين الجن والأنس قد فروا من عمر " الدال على كون فعل الحبشية من أفعال الشياطين، فلعلهم يقولون: أن حب عائشة أغفل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن إدراك شناعة الفعل حتى يستنبط منه غاية جلالة عائشة، وهذا التجويز برسول الله (صلى الله عليه وآله) من أقبح القبائح وأشنع الشنائع. هذا.
وإذا عرفت ترغيب بني أمية في وضع الروايات في فضائل جماعة أرادوا انتشار الفضيلة فيهم، واشتباه أهل الديانات بعد الوضع والاستمرار، وزعمهم بعدم كونها مجعولة، كما ظهر لك مما نقلته عن أبي الحسن المدائني، وعرفت أمارة الوضع فيما سموه صحاحا أيضا، وعرفت بالدلائل الواضحة بطلان خلافة الثلاثة، وكونهم غاصبين لها، ظهر لك بطلان جميع روايات نقل في مدائح أحدهم وشيعتهم مدحا يدل على حسن العاقبة، فإن لم تكن محيطا بتفصيل الروايات المنقولة في فضائلهم، أو لم تكن قادرا على اطلاع تفاصيل الاختلال الذي اشتمل الروايات عليه، فلا يضرك أصلا.
فإن قلت: إذا لم تكن الروايات المنقولة في صحاحهم معتمدة، فلم نقلتم في مدائح أهل البيت (عليهم السلام) وكمل الصحابة واعتمدت عليها؟ وهل هذا إلا الرجوع في رد الروايات وقبولها إلى الأهواء؟ لأنهم إن كانوا معتمدين في النقل يجب قبول الكل، وإلا يجب رد الكل، والتفصيل تحكم خارج عن قانون الإنصاف.
قلت: طريقة أهل العلم والتميز إذا رأى الكذب في كلام أحد أن يتجسس في سببه، فإن وجده عاما فيحكم بعموم عدم الاعتماد، فإن لم يجد هذا السبب تجسس في سبب آخر يصلح أن يترتب عليه ما ترتب على السبب الأول، فإن وجده فكذلك حكمه، وإن لم يجد فيتأمل هل يجد في الخبر أمارة الصدق أم لا، فيتوقف في