تأكيدا للسابق.
شكاية علي (عليه السلام) ممن تقدمه:
ومن الدلائل على بطلان إمامة الثلاثة، كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) المنقول في نهج البلاغة، وهو قوله (عليه السلام): اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم، فإنهم قد قطعوا رحمي، وأكفؤوا إنائي، وأجمعوا على منازعتي، حقا كنت أولى به من غيري، وقالوا: ألا إن في الحق أن تأخذه، وفي الحق أن تمنعه، فاصبر مغموما، أو مت متأسفا، فنظرت فإذا ليس لي رافد، ولا ذاب ولا مساعد، إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن المنية، فأغضيت على القذى، وجرعت ريقي على الشجا، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم، وآلم للقلب من وخز الشفار (1).
الشرح: واعلم أن هذا الكلام قد نقل ولم يورخ الوقت الذي قاله فيه، ولا الحال التي عناها به، ويحملون ذلك على أنه (عليه السلام) قال عقيب الشورى وبيعة عثمان، فإنه ليس يرتاب أحد من أصحابنا من أنه تظلم وتألم حينئذ، ويكره أكثر أصحابنا حمل أمثال هذا الكلام على التألم من يوم السقيفة.
ولقائل أن يقول لهم: أتقولون بيعة عثمان لم تكن صحيحة؟ فيقولون: لا، فيقال لهم: فعلى ماذا تحملون كلامه (عليه السلام) مع تعظيمكم له وتصديقكم لأقواله؟ فيقولون:
نحمل ذلك على تألمه وتظلمه منهم، إذ تركوا الأولى والأفضل، فيقال لهم: فلا تكرهوا قول من يقول من الشيعة وغيرهم أن هذا الكلام وأمثاله صدر عقيب يوم السقيفة، واحملوه على أنه تألم وتظلم من كونهم تركوا الأولى والأفضل والأحق، فإنكم لستم تنكرون أنه كان الأفضل والأحق بالأمر، بل تعترفون بذلك وتقولون