والمنزلة من ولاتهم بافتعال الرواية على وفق هوى الولاة.
لا يقال: العدول لا يفتعلون الأكاذيب.
لأنا نقول: كان المراؤون يظهرون الخشوع ويروجون الأباطيل لمصالح دنياهم، ويعتمد عليهم الديانون، كما هو مذكور في أواخر كلام أبي الحسن علي بن محمد الذي نقله ابن أبي الحديد، ألم يظهر لك من اعتمادهم على رواية عائشة؟ مع ما علمت من صفاتها الردية أنهم يعتمدون على رواية من لا اعتماد عليه ويصفونها بالصحة.
وصحة الرواية الثانية مختلة، باشتمالها على سعد بن أبي وقاص، كيف وهو لم يتبع أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم يخرج معه إلى البصرة والكوفة، مع وضوح حقيته (عليه السلام) وشيوع أخبار رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكون أمير المؤمنين (عليه السلام) مقاتلا على التأويل، كما قاتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على التنزيل، ولا يبعد استنباط قصور عقيدته من حكاية الشورى أيضا، ومختلة بالضعف المشترك.
وتعرض ابن أبي الحديد لدفع آثار الوضع التي نقلها، فوجه كونه محدثا ملهما بكونه مصيب الرأي في أكثر الأمور (1).
وفيه أنه لم يكن لعمر مزية في العلم حتى يوصف بالمحدث ولو كان مجازا، فإن استنبط العلم من سكوت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي نشأ من غاية حلمه عند فظاظة عمر وأفعاله الشنيعة، مثل ضرب أبي هريرة عند تبليغ ما أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتبليغه ومنعه منه، فبطلانه ظهر عند التكلم في الرواية المذكورة، وإن استنبط من الحيل المتعلقة بانتظام أمور السلطنة، سواء كانت على قانون الشرع أو خارجا عنه، فظاهر أن مدائحه (صلى الله عليه وآله) إنما هي متعلقة بالأمور الشرعية.