وأنكر الفرار من الزحف، وقال: وأما باقي الأخبار، فالمراد فيها الإخبار عن صحة ظنه وصدق فراسته، وهو كلام يجري مجرى الأمثال، فلا يقدح ما ذكروه.
وقال في دفع العذاب بعمر ما حاصله: أن عمر نهى عن أخذ الفدية عن أسارى بدر، فأنزل الله تعالى * (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) * (1) وقال: إذا كان القرآن نطق بذلك، لم يلتفت إلى طعن من طعن في الخبر.
ووجه كون عمر سراج أهل الجنة باستضاءة من يستحق الجنة بعلم عمر في الدنيا، كما يستضاء بالسراج (2). وبما ذكرته في رواية المحدث ظهر بطلان توجيه رواية السراج، والفرار من الزحف ثابت.
ونقل ابن أبي الحديد روايات كثيرة دالة على فراره في موضع آخر، وقوله " إذا كان القرآن نطق بذلك " الخ توهم محض، لأنه لا دلالة فيه على أن عدم نزول العذاب كان ببركة عمر أو بدعائه.
قال ابن أبي الحديد بعد التوجيهات المذكورة: واعلم أن من تصدى للعيب وجده، ومن قصر همته على الطعن على الناس انفتحت له أبواب كثيرة، والسعيد من أنصف من نفسه ورفض الهوى وتزود التقوى (3) انتهى.
اعلم أن طريقة طالب النجاة أن لا يرجح مسألة بتبعية الآباء والكبراء، والدواعي الباطلة والأهواء، بل إن كانت مما يطلب فيه اليقين، فيطلب اليقين بعد تخلية النفس عما يصدها عن الوصول إلى الحق، ثم يجاهد ويسعى حتى يهديه الله سبيله، وبعد ما رعى شرائط الوصول إلى الحق ووصل إليه، يجب رد روايات منافية لا تحتمل الجمع بسهو بعض الرواة، أو تعمد كذبه مجملا، لعدم اجتماع الحق في