الأخير ويحكم بمقتضى الأمارة في الأول.
فتجسسنا فيما روي في شأن أهل البيت وشيعتهم من المدائح، فلم نجد فيه سبب الكذب الذي ظهر من الروايات الدالة على مدائح الثلاثة وأشياعهم، ولم نجد فيه بدله، وهو رجاء الكذابين الجائزة، أو المنزلة، أو دفع الخوف بالكذب، لأن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يعط أحدا على المدح بل على الفضل والسابقة أيضا، بل كان عطاياه على وفق رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالتساوي، ولم يخافوا عنه بترك المدح، بل بترك البيعة الذي كان يترتب عليه في زمان السابقين ما يترتب عليه، ولم يبالغ (عليه السلام) في بيعة الناس حتى ترك بعض الناس بيعته (عليه السلام) لتبعية أهوائهم الردية، فلم ينقل الصديق والعدو أنه (عليه السلام) تعرض لإيذائهم.
وبعد انتقاله (عليه السلام) إلى روضة القدس اشتدت الدواعي الباطلة على وضع الأخبار الدالة على رذائل أمير المؤمنين (عليه السلام) وذريته (عليهم السلام) وشيعته رحمهم الله، حتى ملأوا الكتب والدفاتر بما ملأوا، فما بقي مما رووه من الفضائل في شأنه (عليه السلام) وسائر أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم أمور انتفت فيها دواعي الكذب، وتحققت فيها أمارات الصدق، فيجب رد ما رددناه بما بيناه وقبول ما قبلناه بما أسسناه.
وبالحقيقة ما بقي من مدائحهم إنما هو قطرة من بحار مدائحهم، أعلنها الله تعالى وأفشاها، مع غاية اهتمام من اهتم في الاخفاء ايضاحا للحجة وطريق النجاة، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيى عن بينة.
اعلم أن ابن أبي الحديد نسب وضع الأحاديث إلى بعض الشيعة وبعض أهل السنة، ونقل ما زعمه من أكاذيب الشيعة، ثم قال: لما رأت البكرية ما صنعت الشيعة وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث، نحو " لو كنت متخذا خليلا " فإنهم وضعوه في مقابلة حديث الإخاء، ونحو سد الأبواب، فإنه كان لعلي (عليه السلام) فقلبته البكرية إلى أبي بكر، ونحو " ائتوني بدواة وبياض أكتب لأبي بكر