أقول هذه الروايات تدل على ارتداد كثير من الصحابة، ولا يصح أن نحمل على مانعي الزكاة الذين قتل خالد بن الوليد رجالهم، وسبي ذراريهم، ونهب أموالهم، ونكح امرأة مالك بن نويرة ليلة قتله، مع كونهم مسلمين مقيمين للصلاة، لأن تأخير جمع الزكاة وإعطائها بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يظهر أن المدعي للأمر أهل لذلك أو لا، لا يصير سببا للارتداد.
وكيف ارتدوا وعمر الذي ينطق الحق على لسانه عندكم قال بخطأ خالد، وقال باستحقاقه الرجم والقتل، ولكن أبو بكر رأى المصلحة في أمر السلطنة ترك قتله، كما رأى عدم اعطاء حق أهل البيت موافقا لمصلحة السلطنة، واستمر عمر على فعل خالد، ولعل عدم قتل عمر خالدا عند انتقال السلطنة إليه لعدم زيادة تفضح أبي بكر وضعف سلطنة نفسه، لأن السلطنة انتقلت إليه من أبي بكر، وابن أبي الحديد أيضا حكم بخطأ خالد وبعدم ارتدادهم.
وبالجملة عدم قتل خالد بما صنع من المطاعن المشهورة في أبي بكر، بأن إسلام مالك بن نويرة وسائر المقتولين كان ظاهرا، وكان الداعي على قتلهم أخذ الغنيمة، وتزويج زوجة مالك، وإلا لم يظهر منهم منكر يوجب القتل، بل الواجب رفع شبهتهم بالبيان، لا سبي الذراري وقتلهم بالسيف والسنان، فكيف يحكم بارتداد المقتولين بمجرد تأخير اعطاء الزكاة؟
بل يجب على خالد بيان خلافة الأول بدليل شاف وبيان واف، فإن لم يظهر لهم ببعض البيان والتقرير يجب المعاودة في البيان بدليل آخر لو كان له، أو توضيح الأول إن خفي عليهم، والسعي البالغ في توضيح أمر الخلافة ووجوب الإطاعة، والمهلة للتأمل في الأدلة وللمراجعة فيها مرة بعد أخرى، حتى يظهر لهم الأمر وتنجلي عنهم الشبهة، فإن ظهر علمهم بتمامية الدليل باعترافهم أو بشهادة الحال، فيعاقبهم بقدر جرمهم لا بما عوقبوا به، لأن إمامة أبي بكر ووجوب إطاعة من