الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله عليه، فدعا أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان أرمد، فتفل في عينه، فزال ما كان يتشكاه وأعطاه الراية، فمضى متوجها وكان الفتح على يديه، فيجب أن يكون هو المخصوص بحكم الآية، ومن كان معه في ذلك الفتح من أهل البيعة تحت الشجرة لتكامل الشرائط فيهم، ويجب أن يخرج عنها من لم يجتمع له الشرائط (1) انتهى.
ولعل النكتة في بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) الرجلين مع ظهور عدم ثباتهما في المحارب والمخاوف على الأداني والأقاصي، أن يظهر لأرباب التميز خروجهما عن الآية، لظهور عدم السكينة التي أخبر الله تعالى بها في الآية فيهما، ولا يتوهم خروجهما عن حالهما السابقة بعد نزول الآية بدخولهما في الآية، وأن يخبر (صلى الله عليه وآله) في حق علي (عليه السلام) بعدهما بأنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله عليه، تعريضا على الرجلين بخلوهما عن الأوصاف.
فإن قيل: نزول السكينة في الحديبية لا يستلزم بقائها إلى خيبر.
أجيب: بأن مرضات الله فيها لا تستلزم بقائها إلى زمان ينفعكم بقاؤها.
وكذلك النكتة في ظهور الغضب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يظهر على الناس تهاونهم في الحرب، وإلا لا وجه للغضب من عدم الغلبة على من لم يكن قادرا عليها مطلقا، وكيف يغضب على غير القادر من قال الله تعالى في شأنه * (إنك لعلى خلق عظيم) * (2).
وأما الأخبار، فمنها: تقديمه (صلى الله عليه وآله) إياه أيام مرضه في الصلاة التي هي أفضل أركان الدين، وهو يدل على استحقاقه الخلافة.
وفيه نظر من وجوه: أما أولا، فلأنا لا نسلم أن تقدمه في الصلاة كان بأمر