الهوى) * (1) الدال على كون ما قال من إلهام الله تعالى، لهذا الغرض الفرصة، واغتنموا غفلة البعض، وعدم حضور صاحب الحق وكمل الصحابة، وسارعوا إلى عقد البيعة من غير طلب تأمل ومراجعة خوفا من خروج الأمر عن يدهم، وبعد ما عقدوا أمر السلطنة وشيدوها في الجملة، وشرع عمر في مجلس السقيفة بالغلظة والأمر بقتل سعد والوعيد بكسر عضوه، حتى يستولي الخوف على الناس، ولا يمكنهم إباء البيعة، زاد الخوف على الاحتمالات، وكان نقض البيعة عارا بين العرب، فاشتد الأمر بحيث لم يبق للناس جرأة إنكار إمامتهم وإظهار ما سمعوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شأن أمير المؤمنين (عليه السلام).
ومع هذه الاحتمالات لم يمكن الحكم بوقوع البيعة على وفق الشرع وعدم النص، لو لم يكن الأخبار الدالة على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتبهم، وبما ذكرته ظهر ضعف الملازمة في قوله " ولو كان ظاهرا لهم لكانوا يظهرونه " وضعف قوله " ولو منعه فلم لم يصرح من سمعه ".
وأما ما ذكره من أنه كان الواجب على أمير المؤمنين (عليه السلام) إظهار النص، فضعيف، لأن بعض ما أمكن من البيانات صدر منه (عليه السلام) والخوف كان مانعا عن الزائد، وبين الامتناع عن البيعة والتصريح ببطلان أمرهم فرق واضح، والقدرة على الامتناع في مدة لا تستلزم القدرة على التصريح ببطلان أمرهم، فربما لم يكن التقية مانعة عن الأول في أول الأمر ومانعة عن الثاني، مع أنه (عليه السلام) لم يترك إظهار ما يتم به الحجة، لأن امتناعه عن البيعة مدة الاقتدار يدل على بطلان ما فعلوا، وكيف يقدر على التصريح ببطلان الخلافة على من لم يبال من غصبها مع قوة البطش واستقرار السلطنة؟