وأيضا قول أبي بكر لعمر صل بالناس، يدل على أنه لا اختصاص لإمامة الصلاة بصاحب المزية عنده، وإن ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إياه لو سلم كان بعنوان المثال بين الجماعة الذين ظهر حضورهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلا كان أمره عمر بالإمامة ردا على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وخروج رسول الله (صلى الله عليه وآله) على تلك الحال للإيماء إلى عدم كون تقدمه بإذنه، وإلا لم يكن لخروجه (صلى الله عليه وآله) وجه يرتضيه العقل السليم.
وقول عبيد الله فقلت: ألا أعرض ما حدثتني عائشة؟ يدل على كونها متهمة بالكذب في الخبر، وتتقوى الدلالة على الاتهام بقوله " فما أنكر منه شيئا " لأن العارف بأسلوب الكلام يفهم من مثل هذه العبارة وضوح احتمال التكذيب بانتشار كون هذا الخبر من مفتريات عائشة، فعرضه على ابن عباس، واستنبط من عدم التكذيب صدق الكلام، ولم يتفطن أنه لا قدرة لابن عباس على تكذيبها في هذا الخبر الذي هو العمدة في اختلاسهم الأمر.
وفي قول ابن عباس " أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ " إشارة إلى دقيقة هي أن عليا (عليه السلام) لم يكن من الجماعة الذين أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بناء على رواية عائشة بتقديم أبي بكر عليهم في الصلاة، فبأي وجه يستدلون بهذا الخبر على استحقاق الخلافة العامة.
قال ابن أبي الحديد: روى الأرقم بن شرحبيل، قال: سألت ابن عباس (رحمه الله) هل أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال: لا، قلت: فكيف كان؟ فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في مرضه: ابعثوا إلى علي فادعوه، فقالت عائشة: لو بعثت إلى أبي بكر، وقالت حفصة: لو بعثت إلى عمر، فاجتمعوا عنده جميعا - هكذا لفظ الخبر على ما أورده الطبري في التاريخ، ولم يقل فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليهما - قال ابن عباس: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): انصرفوا فإن تكن لي حاجة أبعث إليكم، فانصرفوا.
وقيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): الصلاة، فقال: مروا أبا بكر أن يصلي بالناس، فقالت