فلولا أن ابن عباس فهم من قوله (صلى الله عليه وآله) " ابعثوا إلى علي فادعوه " أنه يريد الوصية إليه لما كان لإخباره الأرقم بذلك متصلا بسؤاله عن الوصية معنى (1) انتهى كلامه.
لا يخفى جودة أكثر كلامه هاهنا. وأما تعبيره ب " يوهم " في قوله " وهذا يوهم صحة ما تقوله الشيعة " فإنما هو لقوله بإمامة أبي بكر بتبعية السلف، وإلا لم يكن لتعبيره بيوهم وجه.
ويرد على قوله " فلعل هذا الخبر غير صحيح " أنه يختل به دليل إمامة أبي بكر، لأن انعقاد البيعة في السقيفة كان برواية الصلاة، كما ظهر في المقدمة، وترتب عليها ما ترتب، وإذا كان مأخذ البيعة رواية غير صحيحة فلا اعتبار بها.
فإن قلت: لعل خبر الصلاة وإن كان صحيحا لنقل خبر الصلاة في صحيح البخاري ومسلم ومالك والترمذي والنسائي، على ما ذكر ابن الأثير في جامع الأصول في كتاب الفضائل (2)، لكن ما نقله ابن أبي الحديد لم يكن صحيحا عنده، للاختلال الذي أشار إليه.
قلت: الخبر الذي نقله الخمسة روته عائشة وحالها في الخروج على أمير المؤمنين (عليه السلام) وبغضها إياه، وجلب الكرامة لنفسها، مانعة عن قبول روايتها (3)، وبعض الروايات المنقولة في كتاب الفضائل مع كون راويها عائشة، مشتملة على أنه (صلى الله عليه وآله) قال: مروا أبا بكر بالصلاة، فقيل له: إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام مقامك لا يستطيع أن يصلي بالناس، وأعاد فأعادوا وأعاد الثلاثة، فقال: إنكن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس إلى آخر الخبر، وفيه بعض التشويشات المذكورة، وبالجملة خبر الصلاة محفوف بقرائن الجعل والافتراء، ومع ذلك لا يدل