وأما خامسا، فلأنه إن دل إمامة أبي بكر في الصلاة بالنسبة إلى بعض الأمة على استحقاق الخلافة، فعبد الرحمن بن عوف أولى بها منه، لنقلهم في بعض صحاحهم صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) خلفه، وننقل بعض الأخبار من كتبهم حتى يظهر لك بعض ما ذكرته.
روى ابن الأثير في الكتاب الخامس من حرف الميم، وهو كتاب الموت وما يتعلق به، عن عائشة، إلى أن قالت: فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، فأتاه الرسول، فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر وكان رجلا رقيقا: يا عمر صل بالناس، قالت: فقال عمر: أنت أحق بذلك، قالت: فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام، ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجد من نفسه خفة، فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رأى أبو بكر ذهب ليتأخر، فأومئ إليه النبي (صلى الله عليه وآله) أن لا يتأخر، وقال لهما: أجلساني إلى جنبه، فأجلساه إلى جنب أبي بكر، فكان أبو بكر يصلي وهو يأتم بصلاة النبي والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي (صلى الله عليه وآله) قاعد.
قال عبيد الله: دخلت على عبد الله بن عباس، فقلت: ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة عن مرض النبي (صلى الله عليه وآله) قال: هات، فعرضت حديثها عليه، فما أنكر منه شيئا، غير أنه قال: أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت: لا، قال: هو علي (عليه السلام) (1).
وروى ابن الأثير في كتاب النبوة، في ترجمة عبد الرحمن بن عوف، أنه صلى النبي (صلى الله عليه وآله) خلفه في غزوة تبوك وأتم ما فاته (2).
قد ظهر بما نقلته عن ابن الأثير أن هذه رواية رووها عن عائشة، وحالها معلومة.