قال: " تقاتلونهم أو يسلمون " أي: يكون أحد الأمرين إما المقاتلة أو الإسلام لا غير، كما دل عليه قراءة أو يسلموا، ومن عداهم يقاتل حتى يسلم أو يعطي الجزية، وهو يدل على إمامة أبي بكر، إذ لم يتفق هذه الدعوة لغيره إلا إذا صح أنهم ثقيف وهوازن، فإن ذلك كان في عهد النبوة.
واستدل صاحب الكشاف على كون الداعي أبا بكر بقوله تعالى في سورة التوبة * (فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا) * (1) إلى قوله فإن قلت: عن قتادة أنهم ثقيف وهوازن، وكان ذلك في أيام رسول الله (صلى الله عليه وآله) قلت: إن صح ذلك فالمعنى لن تخرجوا معي أبدا ما دمتم على ما أنتم عليه من مرض القلوب والاضطراب في الدين، أو على قول مجاهد كان الموعد أنهم لا يتبعون رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا متطوعين لا نصيب لهم في المغنم.
وقال في ذيل قوله تعالى * (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا) * إنما قال إلى طائفة منهم لأن منهم من تاب عن النفاق وندم على التخلف، أو اعتذر بعذر صحيح: وقيل: لم يكن المخلفون كلهم منافقين، فأراد بالطائفة المنافقين منهم (2) انتهى.
ومن الغرائب استدلال صاحب الكشاف في سورة الفتح على كون أبي بكر هو الداعي بقوله تعالى في سورة التوبة * (فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا) * مع أنه ذكر في تفسير الآية هناك في وجه ذكر الطائفة ثلاثة احتمالات نقلتها، لا يجري الاستدلال على شئ منها، لأن مبنى استدلاله على اتحاد المخلفين من الأعراب مع من قال الله تعالى في شأنهم * (فقل لن يخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا) * وهو ممنوع.