هناك ما يمنعه عن النص على عثمان، كما لم يمنع ذلك أبا بكر، لأن أمره إن لم يكن أقوى من أمر أبي بكر لم ينقص منه، وبما حاصله: إن القول بعلمه بأن عليا وعثمان لا يجتمعان وإن عبد الرحمن يميل إلى عثمان غير ظاهر، بل يدل ديانة عمر على عدم الحيلة (1).
وفيه نظر، لأن عدم تعيين عمر عثمان مع قصد التعيين لا يستلزم العجز حتى يلزم من عدم العجز عدم القصد، بل يمكن أن يكون غرضه حيلة أخرى هي عدم انتظار الأمر على أمير المؤمنين (عليه السلام) إن انتقل إليه بعد عثمان، لأن جعلهم في عرضة الخلافة ربما صار سببا للمنازعة والمناقشة، ولا يبعد أن يكون حكاية البصرة مترتبة على هذا الفعل منه، بل الظاهر ذلك لو لم نقل بظهور ترتب أمر صفين أيضا عليه.
وأيضا منع علم عمر بعدم اجتماع أمير المؤمنين (عليه السلام) وعثمان في الرأي لا وجه له، لأن اتفاقهما إما على خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) أو عثمان أو غيرهما، وعدم احتمال رضا أمير المؤمنين (عليه السلام) بأحد الأخيرين غني عن البيان، ولما كان ظاهرا لعثمان موافقة سعد وعبد الرحمن معه ويتم الأمر بهما له، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) للعباس، لم يكن راضيا بغير خلافته، وحيلة عمر أزيد من أن يخفى عليه مثل هذا.
قال السيد (رحمه الله): روى محمد بن سعد عن الواقدي، عن محمد بن عبد الله الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، قال: قال عمر: لا أدري ما أصنع بأمة محمد (صلى الله عليه وآله)؟ وذلك قبل أن يطعن، فقلت: ولم تهتم وأنت تجد من تستخلفه عليهم، قال: أصاحبكم؟ يعني عليا، قلت: نعم والله هو لنا أهل في قرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصهره وسابقته وبلائه، فقال عمر: إن فيه بطالة وفكاهة، قلت: فأين أنت من طلحة؟ قال: فأين الزهو والنخوة، قلت: عبد الرحمن، قال: