رسول الله (صلى الله عليه وآله) بل إنما كان من حيل عائشة، ولا يبعد منها أمثال تلك الأمور القبيحة، ألا ترى إلى خروجها على أمير المؤمنين (عليه السلام) مع أن حربه حرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلى بغضها أمير المؤمنين (عليه السلام) مستمرا، مع كونه من علامات النفاق كما سيظهر لك.
وأما ثانيا، فلأن خروج رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع غاية الضعف بعد ما سمع صوته يدل على عدم الرضا بإمامته.
وأما ثالثا، فلأنه من مسلماتهم جواز الصلاة خلف كل بر وفاجر، فإمامته في الصلاة لا تدل على الرجحان على المأمومين، فلعله قدم بغير جهة الكمال والمزية.
وأما رابعا، فلأنا لو سلمنا أمره (صلى الله عليه وآله) بتقديم أبي بكر في الصلاة مع ظهور البطلان، لم يدل على الرجحان على أمير المؤمنين (عليه السلام) لأنه (عليه السلام) كان عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يصل بصلاة أبي بكر، وكان مزية أمير المؤمنين (عليه السلام) بما ذكرته سابقا عاما بالنسبة إلى جميع أمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلعل تعرض أبي بكر للخلافة أخرجه عن لياقة الصلاة خلفه، وغيرها مما هو لازم الكمال، ولا يدل جعل شخص إماما في الصلاة على حسن العاقبة.
وأيضا على تقدير أمره (صلى الله عليه وآله) بتقديم أبي بكر في الصلاة مع ظهور بطلانه، نقول:
لعله (صلى الله عليه وآله) نصبه أولا ليعزله ثانيا، ويظهر للأمة من العزل عن إمامة الصلاة مع صلاحية كل بر وفاجر من الأمة لها على ما هو من مسلماتهم، عدم لياقته للتقدم في أمر من الأمور، فكيف يصلح للرئاسة العامة مع انعزاله عن مثل ذلك الأمر الذي لا يدل على مزية بعنوان اللزوم؟
ويدل على فهم العزل، ما قال عبد الحميد بن أبي الحديد في قصيدته المشهورة في مدح علي (عليه السلام) تعريضا بأبي يكر:
ولا كان معزولا غداة براءة * ولا في صلاة أم فيها مؤخرا