المحاربة بينهما وامتد زمانها، ولم يمتز الغالب عن المغلوب، حتى انتهى الأمر إلى ما انتهى إليه، فبأي شئ حكمتم بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان قادرا على محاربة الناس؟
مع كثرة الأعداء وقلة الناصر.
وأيضا المحاربة بين أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند خروجه إلى روضة الرضوان وقبل استيلاء شوكة الإسلام على البلدان ربما صار سببا لطمع الكفار وغلبتهم على المسلمين، ومثل هذا الخلاف في أمثال هذه الأحوال يصير سببا لاستيلاء الأعداء، كما يدل عليه السير الماضية.
وأيضا ربما صار تلك المحاربة سببا لضعف اعتقاد المسلمين وارتدادهم عن الإيمان، بتوهمهم أن هذا الدين لو كان حقا لم يسرع أصحابه إلى المقاتلة في أيام أوائل انتقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى دار السلام، بحيث كانت مضرتها على الدين أعظم من مضرة ما وقع من البيعة الباطلة.
وبالجملة يدل القاطع على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) وبطلان إمامة أبي بكر، وتلك الشبهة السخيفة تندفع بأحد هذه الاحتمالات، فلا وجه لذكرها في مقابل ما سمعتم، وباب مدينة العلم أعلم بما يقتضيه الحال وبما سمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فالعمدة هي الدلالة على حقية أمير المؤمنين (عليه السلام) وبطلان إمامة من جوز إمامته.
وأما رابعا، فلضعف الاستبعاد الذي ذكرته وظننته مفسدة، وكونه أضعف بمراتب شتى من ترك بني إسرائيل إطاعة هارون (عليه السلام) مع استمرار نبوته وظهور خلافته وإقرارهم بهما بمجرد غيبة موسى (عليه السلام) مع ظهور احتمال مراجعته وعبادتهم الجماد بقول السامري الذي لم يكن دليل على حجيته، فإذا قلتم بوقوع هذا بشهادة القرآن، فلم لا تجوزون بطلان بيعة أبي بكر لو فرض عدم شهادة الكتاب والبرهان، وبالجملة أمثال تلك الشبهات لا وقع لها أصلا.